ماذا بعد قطيعة الأصدقاء؟
يوجد بين الناس من يفاخر بصاحبه إلى الحد الذي يعتقد بأنه جزءٌ لا يتجزأ منه ، و أنه مادة أساسية مكوّنة لشخصيته ، ثم يتمادى بعدها فيكشف للناس حبه الجارف الذي إنغرز في قلبه .. ، لكن ما أن يتخطى صاحبنا مرحلة الإختمار الروحي .. حتى يكون لمجرد “حادث عرضي” نصيبٌ في أن يزيح كل هذه المحبة لتحل مكانها القطيعة !!
الإفراط هنا لن ينحصر في ما كان يبديه من حلات المحبة ، بل سيكون الإفراط كذلك أثناء القطيعة و بنفس المقدار العكسي ، ستكون إفراطاً في إبداء حالات الحنق و الغضب تجاه من كان يصاحبه !! فيظن لسبب القطيعة أن له حقوقاً كل الحقوق و أن ليس عليه واجبات !! فصاحبه كذا و كذا .. و يستشعر بأن الظلم واقعٌ عليه ، و ليت شعري .. فقد يكون هو الظالم !!
يقول أمير المؤمنين “ع”:
(و لا تضيّعن حق أخيك اتكالاً على ما بينك و بينه ، فإنه ليس بأخٍ لك من أضعت حقه ) .
ماذا بعد القطيعة ؟
ينبغي لمن ناله نصيبٌ من هذا أن يتعقل طيلة فترة القطيعة ، و أن لا يبدي شكواه و تذمره تجاه الآخر ، و أن لا يقطع على نفسه طريقاً يُرجعه إلى العودة و المصالحة ، فالعاقل يعلم جيّداً أن سبب الخصام سيزول مع الأيام و يصبح أحلاماً منسيّة ، فالعلاقة لا تزال إذا ما قامت على المحبة و العقل ، حتماً ستعود بعد القطيعة و تعود معها الثقة طالما حفظ كلاهما الآخر ، و بقى على عهده له بالوفاء ..
يقول الصادق “ع”: ( لا تُتبع أخاك بعد القطيعة وقيعةً فيه ، فتسد عليه طريق الرجوع إليك ،
فلعل التجارب ترده عليك ) ..
يقول الشيخ محمد تقي فلسفي:
” إن من يهجر صديقه غاضباً و يبعد عنه معاتباً .. و يبقى معه على الحق و الفضيلة ..
و لا يخرج عن العدل و الإنصاف و العقل .. هو بالطبع أهلٌ للصحبة و الصداقة .. “
فهلا مددنا أيدينا لنصافح من أضعنا حقه ، و هلاّ جعلنا نسيم المحبة يداعب مشاعرنا مع من جمعتنا معهم جلسات الوفاء و المحبة .. الآن و نحن نقرأ هذه الكلمات .. تمر بخيالاتنا ذكريات جميلة ، مع أناسٍ لا زلنا نذكرهم .. نحن نراهم و لا زلنا نحبهم ، لكننا نكابر .. ما دام الود لا زال طريّاً .. لماذا لا نحاول أن نبقى معهم .. هل ننسى ما كان وفائهم .. إخلاصهم ..
دعونا نجرّب .. !!