ومن يكون المشروع؟!
تبادرت إلى ذهني أيامي التي قضيتها في ربوع المأتم بين أحضان مشروع تعليم الصلاة، حيث أن وقتنا الذي كنا نقضيه خارج نطاق البيت والمدرسة يكون في ذهابنا للمشروع. بوساطة المشروع ورعايته تكونت لدينا العديد من العلاقات من الزمالة إلى الصحبة والصداقة، كم كنا نترقب وقت الأذان لنهم بالخروج إلى البيت والذهاب نحو المشروع بخطى لم تتثاقل يوماً.
قضينا ما يقارب الأربع سنوات، في تعلم الصلاة وذلك بمتابعة دقيقة من قبل المدرسين الذين نراهم يستقطعون جزءاً من وقتهم لأجلنا ولأجل ديننا، وكنا نكبر وننمو والمشرع يغذينا بالخلق والفضائل، ويعمل على تقوية ديننا حتى يشتد عوده، وتكون عقيدتنا ثابتة راسخة. وبعد جهد ليس بالقليل، توجنا بتاج حفظ الصلاة، وتم إعطاؤنا صولجان الصون لعمود الدين.
وهذا بالنسبة إلينا بداية الطريق نحو العرس الإيماني، والنور الرباني، إذ بدأت مرحلتنا الثانية في التعلم في سفينة المشروع الزاخرة بمعالم الخلق والدين، حيث قمنا بدراسة المواد الدينية من فقه وعقائد وسير المعصومين (ع)، ولم ننكفئ عن دراستنا الدينية فحققنا درجات التفوق والنجاح، وكلما انتقلنا من مرحلة لأخرى ازداد عزمنا على مواصلة الدرب وعدم الانقطاع رغم الصعوبات، والمعيقات.
وبعد كل هذا صدرت عن أحدنا زلة لسان في لحظة عفوية، يتملك فيها الغضب الإنسان، ولا ينطق بعقله بل بقلبه وهواه، من يكون هذا المشروع، فأنا قادر على الدراسة بين أحضان الحوزة أو المأتم أو أي مؤسسة أخرى!! لكن صدى هذه الكلمات عادت إليه بعد أن هدأ واستكان، ففكر بتمعن فيما قال، وخطر ما في البال، بعد أن اتهم بالتحقير، والاستهانة والتنكير. صرخ بينهم: كلا، كلا، لم اقصد الإهانة، ولا التحقير، أو حتى الإساءة. أنا ابن المشروع البار فكيف يتوقع مني هذه المهانة، إن المشروع كان لي حصنا منيعاً، ومازال وسيظل كذلك كما عهدته شامخاً، أرفع به رأسي أمام أترابي وأقراني، وأمتلئ بالعنفوان لذكره وأشد ظهري به وقت محنتي.