رسالة من الأستاذ أحمد الإسكافي ( رحمه الله )
أعزائي القراء لنعش عن قرب من خلال هذه الرسالة مع الأستاذ أحمد الإسكافي ولنصغي إلى نبضات قلبه الذي لا يعرف إلا الود .. وسنرى فيها صدق الشعور وصفاء القلب .. وانطلاق الخيال .
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى أخي الغالي ….
السلام عليكم ورحمته
لعينيك … اللهم الذي صار بونًا … دمعة ربما تريح عاشقين مثلنا.
لجرحك قطرة من القلب أذوب فيها شوق مدة من الزمن وشيئًا من الوجد .
للطريق الذي قطعنا أوله وبقيت خطوتان اثنتان ، وهذه المسافة تطول وتطول عما مشيناه دهرًا طويلا ً وذبنا فيه ربيعًا عقب ربيع ، ننثر ورود العمر فوق كل سفح وسهل ورمل وحجر وبئر ونهر .
شابان كنا ننهض نحو الفتوة في زمن (…) ، لنا الأمل العذب والرهان الصعب . أمامنا طريق إلى الغيب نثرى إليه وفي أعماقنا حب الله ورسوله وأهل بيته وشوق لقائهم .
أخي الغالي ونفسي …
كنا طائران مشتعلان (…) نرفرف ، نطير من عش ٍ إلى آخر ، نحسب كل الأوقات ، ونقرأ في الريح وعدها وفي الرمال عصفها وفي الجبال صمودها وفي المطر انحيازه . ورغم الشقاء الذي أحاط حياتنا المستضعفة فلم نكُ نأبه إلا بما يصب في طريق العمل وبحر الفكر الأصيل .
حبيبي …
كل يوم تهيم بنا مسالك المعرفة من مشرق الدنيا المتمركس إلى مغربها العابث . ومن سفسطه الإغريق إلى جدلية هيغل، ومن البناء الأرسطى إلى السارترية الضيقة الهزيلة ، ومن اقتصادنا إلى فلسفتنا ومن الطوسي إلى المفيد ومن الأخلاق إلى المفاهيم.
عالم من الأسماء والحياة عاشت معنا وعشنا معها . وأكلت من زادنا وأنفقنا عليها من مالنا القليل من سندويش إلى خباز ومن أدوات مدرسية إلى أنغام ملائكية تترنم بها ونترنم في داخلها بأوتارها وإيقاعها السمفوني … وليل وقتنا القصير يدفعها إلى حبه . يغمرنا بالدهشة والنور.
…..
أخي يا حبة القلب التي لم تذهب ويا شمعة القلب التي لم تطفأ . كم أحس بالغربة بعد أن فارقتك ولكنني لازلت أيناديك في ساحة الفكر والزهد والورع والتقى.
مجلة الفلاح
العدد 50
جمادى الثانية 1409هجريه